[(وألَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا • لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ومَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا) ١٦ - ١٧]
(وأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا): «أن» مخففة من الثقيلة، وهو من جملة الموحى، والمعنى: وأوحي إلى أن الشأن والحديث: لو استقام الجن على الطريقة المثلى، أي: لو ثبت أبوهم الجان على ما كان عليه من عبادة الله والطاعة، ولم يستكبر عن السجود لآدم ولم يكفر وتبعه ولده على الإسلام، لأنعمنا عليهم ولوسعنا رزقهم. وذكر الماء الغدق وهو الكثير بفتح الدال وكسرها؛ وقرئ بهما، لأنه أصل المعاش وسعة الرزق. (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) لنختبرهم فيه كيف يشكرون ما خولوا منه. ويجوز أن يكون معناه: وأن لو استقام الجن الذين استمعوا على طريقتهم التي كانوا عليها قبل الاستماع ولم ينتقلوا عنها إلى الإسلام، لوسعنا عليهم الرزق مستدرجين لهم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طريق الحق والرَّشد. وقيل: تحروا: توخَّوا وعمدوا. والضمير في "به" مُبهم، يفسره قوله: "أن قال".
قوله: (بفتح الدال وكسرها، وقُرئ بهما)، الغدق، بالفتح: هي المشهورة، وبالكسر: شاذة.
قوله: (ويجوز أن يكون معناه)، عطف من حيث المعنى على قوله: "لو استقام الجنُّ على الطريقة المثلى". واختلاف التَّفسيرين بحسب تفسير ﴿لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾؛ فعلى الأول مُؤول بالاختيار، وعلى الثاني بالفتنة والهَلَكة. وينصر الثاني التذييل بقوله: ﴿وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾، لأنه توكيد لمضمون السابق من الوعيد، أي: لنستدجهم فيتبعوا الشهوات التي هي موجبة للبطر والإعراض عن ذكر الله.


الصفحة التالية
Icon