فإن قلت: لم كانت هذه السورة عدل القرآن كله على قصر منها وتقارب طرفيها؟ قلت:
لأمر ما يسود من يسود
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (عَدْلَ القرآنِ كلِّه)، يُروى بفتح العين وكسرها، قال الأخفش: العِدْلُ بالكسر: المِثْل، والعَدْلُ بالفتح: أصلُه مصدر قولك: عَدَلْتَ بهذا عَدْلًا حسنًا، تجعله اسمًا للمِثْلِ، لِتُفْرُق بينه وبين عِدْل المتاع. وقال الفرّاء: العَدْلُ بالفتح: ما عادلَ الشّئ من غير جنسه، والعِدْلُ بالكسر: المِثْل. وتقول: عندي عِدْلُ غلامك، وعِدْلُ شاتك، إذا كان غلامًا يعدلُ غلامًا، أو شاةً تعدلُ شاة، فإذا أردت قيمته من غير جنسه، نَصبتَ العين، وربّما كَسَرها بعضُ العرب، وكان منهم غلط.
والصحيحُ: ثلثُ القرآن؛ رَوينا عن البخاريّ ومسلم ومالك وأبي داودَ والنسائي، عن أبي سعيد، أن رجلًا سمعَ رجلًا يقرأ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ يردّدها، فلما أصبحَ جاءَ إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فذكرَ ذلك له، وكأنّ الرجلَ يتَقألُّها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نفسي بيده، إنها لتعدلُ ثُلُثَ القرآن». قال القاضي: «ولاشتمال هذه السورة مع قِصرِها على جميع المعارفِ الإلهية، والردِّ على مَن ألحدَ فيها، جاء في الحديثِ أنها تعدلُ ثلثَ القرآن، لأن مقاصدِ القرآنِ محصورةٌ في بيانِ العقائد، والأحكام، والقضض، ومَن عَدَلَها بكلِّه اعتبرَ المقصودِ بالذاتِ من ذلك».
قولُه: (لأمرٍ ما يُسَوَّدُ مَن يَسودُ)، أوله:
عَزَمتُ على إقامةِ ذي صباحِ