أو أراد بالضر: الغي، ويدل عليه قراءة أبى: «غيا ولا رشدا»،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونَشْر. وتقريره: أن قوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَدْعُوا رَبِّي﴾ الآية، من كلام رسول الله؟ ؛ فإذا قُرئ: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾ بالفتح، يُقدر أن الله تعالى يحكي كلامه صلوات الله عليه، وهو ﴿إِنَّمَا أَدْعُوا رَبِّي﴾، وهو لوجهين بناء على تفسير قوله تعالى: ﴿كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾:
فإذا أُريد بهم المشركون كما قال: "كاد المشركون لتظاهرهم عليه وتعاونهم على عداوته يزدحمون عليه"، فالمعنى: إنما أدعو ربي، أي: ما أتيتكم بأمر مُنكر، إنما أعبد ربي وحده، إلى آخره. وإذا أريد بهم الجن، كما قال حين أتاه الجن فاستمعوا لقراته: ﴿كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾، فالمعنى: ليس ما ترون من عبادتي الله، ورفضي الإشراك به، بأمر مُتعجب منه، إلى آخره. وإذا قُرئ: "إنه لما قام" بالكسر، يكون الجن قد حكوا لقومهم حين قفلوا إليهم، ما رأوا من رسول الله؟ من قيامه لعبادة الله وما سمعوا منه، من قوله لهم: ﴿إِنَّمَا أَدْعُوا رَبِّي﴾ الآية.
قوله: (ويدل عليه قراءة أُبي: "غياً")، يريد أن ﴿رَشَدًا﴾ وقع مقابلاً لـ ﴿ضَرًّا﴾، وليس من التقابل الحقيقي؛ فإما أن يُؤول الثاني بما يُطابق الأول أو عكسه، وينصر الثاني قراءة أُبَيّ: "غيًّا".
وقلت: الأسلوب والنظم يقتضيانهما معاً، لأنه صلوات الله عليه، لما ازدحم عليه الجن ازدحاماً عظيماً، وتعجبوا منه تعجباً بليغاً، قيل له: قل لهم: هَونوا على أنفسكم ولا تزدحموا عليّ، لأني عبد مبعوث مُبلغ، ليس إليّ ضَرُّكم ولا نفعكم ولا رشدكم ولا غيكم، فإن ذلك إلى الله تعالى؛ وإنما ذهب إلى هذا الأسلوب، وعَدَل من التقابل الحقيقي، ليجمع بين المعنيين،