وقرئ: «فأن له نار جهنم» على: فجزاؤة أن له نار جهنم، كقوله: (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) [الأنفال: ٤١]، أي: فحكمه أن لله خمسه. وقال: (خَالِدِينَ) حملاً على معنى الجمع في «من».
فإن قلت: بم تعلق (حَتَّى)، وجعل ما بعده غاية له؟
قلت: بقوله: (يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) [الجن: ١٩]، على أنهم يتظاهرون عليه بالعداوة، ويستضعفون أنصاره، ويستقلون عددهم (حَتَّى إذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ) من يوم بدر وإظهار الله له عليهم، أو من يوم القيامة، (فَسَيَعْلَمُونَ) حينئذ أنهم (أَضْعَفُ نَاصِرًا وأَقَلُّ عَدَدًا).
ويجوز أن يتعلق بمحذوف دلت عليه الحال، من استضعاف الكفار له واستقلالهم لعدده، كأنه قال: لا يزالون على ما هم عليه، (حَتَّى إذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ)،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (بقوله: ﴿يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾، أي: ﴿حَتَّى﴾ غاية قوله: ﴿يَكُونُونَ﴾. هذا إنما يَستقيم، إذا فسر ﴿يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾، بالتظاهر والتعاون به. وأما إذا فُسِّر بتراكم الجن وتزاحمهم، فالواجب أن يُعلق بمحذوف كما في الوجه الآتي. ونظيره ما في "مريم": ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا﴾ [مريم: ٧٥]، قال: تقديره: "قالوا: أي الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً، ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ﴾، أي: لا يبرحون يقولون هذا القول، إلى أن يشاهدوا الموعود رأي عين". وها هنا لما سمع المشركون هذا الوعيد والتهديد الشديد، قالوا: متى يكون هذا الموعود؟ إنكاراً له. فقيل لرسول الله؟ :﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ﴾. وإنما أُعيد ﴿تُوعَدُونَ﴾، ليؤذن بأنه كائن لا ريب فيه، فقوله: "قال المشركون" إشارة إلى تقدير سؤال يقتضيه الفصل بقوله: ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي﴾.


الصفحة التالية
Icon