وأمر بأن يختار على الهجود التهجد، وعلى التزمل التشمر والتخفف للعبادة والمجاهدة في الله، لا جرم أن رسول الله ﷺ قد تشمر لذلك مع أصحابه حق التشمر، وأقبلوا على إحياء لياليهم، ورفضوا له الرقاد والدعة، وتجاهدوا فيه حتى انتفخت أقدامهم واصفرت ألوانهم، وظهرت السيمى في وجوههم وترامى أمرهم إلى حد رحمهم له ربهم، فخفف عنهم.
وقيل: كان متزملا في مرط لعائشة يصلي،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: أتى بها الورد، والحال أنه مشتمل ليس بمشمر، فذمه بالاشتمال، وجعل ذلك خلاف الجلد والكيس. وقيل: ذمه بالاشتمال بكسائه، وادعى أن الخلل كان لميله إلى الدعة، وعلامته الاشتمال.
الانتصاف: "هذا القول والاستشهاد سوء أدب. وجعلت العلماء نداءه بالمزمل وغير ذلك من صفاته تشريفاً له إذ لم يُناده باسمه، واستشهاده على ذلك بأبيات قيلت ذماً في جفاة العرب، أبرأ إلى الله وأربأ برسول الله؟ منه".
وقلت: ومنه ما رواه عن عكرمة: أنه يا أيها الذي زُمِّل أمراً عظيماً، أي: حمله. وروى السُّلمي عن ابن عطاء: "يا أيها المخفي ما يظهره عليك من آثار الخصوصية، آن أوان كشفه فأظهره، فقد أيدناك بمن يتبعك ويوافقك، ولا يخذلك ولا يخالفك، وهو أبو بكر وعلي رضي الله عنهما".
قوله: (مُتزملاً في مرط لعائشة رضي الله عنها)، الانتصاف: "هذه السورة مكية، والبناء