لو أراد السامع أن يعد حروفه لعدها. و (تَرْتِيلاً) تأكيد في إيجاب الأمر به، وأنه ما لا بد منه للقارئ.
[(إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) ٥]
هذه الآية اعتراض، ويعني بالقول الثقيل: القرآن وما فيه من الأوامر والنواهي التي هي تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين، خاصة على رسول الله ﷺ لأنه متحملها بنفسه ومحملها أمته؛ فهي أثقل عليه وأبهظ له. وأراد بهذا الاعتراض: أن ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الثقيلة الصعبة التي ورد بها القرآن، لأنّ الليل وقت السبات والراحة والهدوء، فلا بد لمن أحياه من مضادة لطبعه ومجاهدة لنفسه. وعن ابن عباس رضى الله عنه: كان إذا نزل عليه الوحي ثقل عليه وتربد له جلده.
وعن عائشة رضي الله عنها: رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هذه الآية اعتراض)، يعني قوله: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾، قال القاضي: "والجملة اعتراض لتسهيل التكليف عليه بالتهجد، ودال على أنه مشقة مضادة للطبع مخالف للنفس، أو رصين لرزانة لفظه ومتانة معناه، أو يثقل على المتأمل فيه، لافتقاره إلى مزيد تصفية السّرِّ وتجريد النَّظَر". وقيل: الاعتراض: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾، لأنها اعترضت بين كلامين مُتصلين معنًى، وهو الكلام في قيام الليل، والأظهر الأول.
قوله: (والهدوء)، الجوهري: "هدأ هدءاً وهدوءاً: سكن، وأتانا وقد هدأت العيون".
قوله: (تربَّد)، النهاية: "في الحديث: كان إذا نزل عليه الوحي اربَدَّ وجهه صلوات الله عليه، أي: تَغيّر إلى الغُبرة".
قوله: (وعن عائشة رضي الله عنها: رأيته ينزل عليه الوحي)، الحديث رواه البخاري


الصفحة التالية
Icon