وعن علي بن الحسين رضي الله عنهما، أنه كان يصلي بين المغرب والعشاء ويقول: أما سمعتم قول الله تعالى: (إنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ)؟ هذه ناشئة الليل. (هِيَ أَشَدُّ وطْئًا) هي خاصة دون ناشئة النهار، أشد مواطأة يواطئ قلبها لسانها؛ إن أردت النفس. أو يواطئ فيها قلب القائم لسانه؛ إن أردت القيام أو العبادة أو الساعات. أو أشد موافقة لما يراد من الخشوع والإخلاص. وعن الحسن: أشد موافقة بين السر والعلانية، لانقطاع رؤية الخلائق. وقرئ: «أشدّ وطأ» بالفتح والكسر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو يُواطئ فيها قلب القائم لسانه، إن أردت القيام، أو العبادة، أو الساعات)، الانتصاف: "إن جعلت الناشئة للنفس، فالمواطأة فيها حقيقة، وإن جعلتها للساعات أو المصدر فمجاز". قلت: ويجوز أن يكون من المجاز الحُكمي، بأن تسند الوطء إلى القيام أو العبادة أو الساعات على المجازي، وإنه لصاحبها حقيقة، وإليه الإشارة بقوله: "أو يواطئ فيها قلب القائم لسانه"، وأن تجعل لكل واحد منها قلباً ولساناً، وتخيل له مواطأة به على الاستعارة المكنية.
قوله: (أو "أشد موافقة")، عطف على "أشد مواطأة"؛ فعلى هذا: الإسناد في الكل حقيقة؛ فالحاصل: "الناشئة" لا يخلو: إمّا أن يراد بها النفس أو القيام مثلاً، والمواطأة إما أن يعني بها مواطأة القلب اللسان، أو موافقتها لما يراد من الخشوع. فإذا عنيت بها النفس، فإذاً المواطأة حقيقة على التقديرين. وإذا عنيت بها القيام ونحوه، فالمواطأة مجاز على التقدير الأول، حقيقة على الثاني.
قوله: (وقُرئ: "أشد وطأً")، أبو عمرو وابن عامر: بكسر الواو والمد، والباقون: بالفتح وإسكان الطاء.