وإن قلوبنا لتقليهم. وقيل: هو منسوخ بآية السيف.
[(وذَرْنِي والْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي النَّعْمَةِ ومَهِّلْهُمْ قَلِيلاً • إنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وجَحِيمًا • وطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وعَذَابًا أَلِيمًا • يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ والْجِبَالُ وكَانَتِ الجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلاً) ١١ - ١٤]
إذا عرف الرجل من صاحبه أنه مستهم بخطب يريد أن يكفاه، أو بعدوّ يشتهي أن ينتقم له منه وهو مضطلع بذلك مقتدر عليه قال: ذرني وإياه، أي: لا تحتاج إلى الظفر بمرادك ومشتهاك، إلا أن تخلي بيني وبينه بأن تكل أمره إلىّ وتستكفينيه، فإن في ما يفرغ بالك ويجلى همك، وليس ثم منع حتى يطلب إليه أن يذره وإياه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أنه مُستهم)، الأساس: "اهتم به، ونزل به مُهم. وسمعتم يقولون: استهم لي بكذا"، فيه مبالغة، كانه يقصد قصداً واحداً، أو يطلب من يهم بذلك الأمر ويقصده.
قوله: (وليس ثم منع حتى يطلب إليه أن يذره)، فهو من باب الكناية، قريب من نحو قولك: لا أرينك هاهنا، يعني: أنه تعالى أنهى إلى رسول الله؟، أنه طلب منعه أن يُوقع بالمكذبين، وأنه صلوات الله عليه ما طلب المنع، بل شوهد منه ما نزل منزلة المنع، من ترك الاستكفاء، وتفويض الأمر إليه تعالى. المعنى: مالك لا تستكفينيه، ولا تُفوض أمرك إليّ حتى أستكفيكه وأنتقم لك منه؟
ويجوز أن يكون من باب التهييج والالتفات، وفيه أن من له عدو يضاده ويناوبه، فالله بعزته وجلاله يجب أن يكفي شره، والمظلوم إذا لم يستكف شره من الله كأنه منعه، فإذا فعل ذلك كأنه ظفر به، وتمكن من المراد غاية التمكن، وهو المراد من قوله: "وفيه دليل على الوثوق بأنه يتمكن من الوفاء بأقصى ما تدور حوله أُمنية المخاطب".