وقال آخر:
فَذَاكَ أَمَانَةُ اللَّهِ الثَّرِيدُ
قلت: إنّ القرآن والقلم بعد هذه الفواتح محلوف بهما، فلو زعمت ذلك لجمعت بين قسمين على مقسم عليه واحد وقد استكرهوا ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فذاك أمانة الله)، صدره:
إذا ما الخبز تأدمه بلحمٍ
أي: فذاك أمانة الله الثريد.
قوله: (إن القرآن والقلم بعد هذه الفواتح محلوفٌ بهما)، حاصل الجواب: أنه لا يجوز أن تكون هذه الفواتح مقسماً بها، ومنصوباً كما ذكرتم؛ لأن الواو حينئذٍ: إما للقسم، أو للعطف. ولا سبيل إلى الأول؛ لاجتماع قسمين على مقسمٍ عليه واحدٍ وهو مستكره، ولا إلى الثاني؛ لمخالفته الثاني الأول في الإعراب، فبقي أن يكون معمولاً لفعلٍ مضمرٍ، فعلى هذا قوله: ((قال الخليل)) إلى قوله: ((هذا)) اعتراضٌ على سبيل الاستطراد مبينٌ لقوله: ((وقد استكرهوا ذلك)).
بيانه: أن الخليل جعل ((الواو)) في قوله: ((والليل)) للقسم، و ((الواو)) في ((والنهار)) للعطف. فاشتركا في معنى القسيمة، فيجوز تلقيهما بمقسمٍ عليه واحدٍ. ولو قدر أن يكون الثاني أيضاً حرف قسمٍ؛ لزم أن يكونا قسمين مستقلين. والأفصح حينئذٍ أن يتلقى كل منهما بمقسمٍ عليه، كقولك: بالله لأفعلن، تالله لأخرجن. وإن جاز أن يقال: وحقك وحق زيدٍ لأفعلن للتأكيد، لكن لم يحسن ذلك الحسن؛ ولذلك استكرهوه.