قلت: هذا لا يبعد عن الصواب، ويعضده ما رووا عن ابن عباس رضى اللَّه عنه أنه قال: أقسم اللَّه بهذه الحروف. فإن قلت: فما وجه قراءة بعضهم ص وق بالكسر؟ قلت: وجهها ما ذكرت من التحريك لالتقاء الساكنين، والذي يبسط من عذر المحرّك: أن الوقف لما استمرّ بهذه الأسامى، شاكلت لذلك ما اجتمع في آخره ساكنان من المبنيات، فعوملت تارة معاملة «الآن» وأخرى معاملة «هؤلاء». فإن قلت: هل تسوّغ لي في المحكية مثل ما سوّغت لي في المعربة من إرادة معنى القسم؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
له الأمر: استقام. ويجوز أن يقال للاستقامة والتمام: الاستتباب، أي: طلب التباب الذي هو الهلاك؛ لأن التباب يتبع التمام. كما قيل: إذا تم أمر دنا نقصه.
قوله: (عن ابن عباس: أقسم الله بهذه الحروف)، قال الإمام: أقسم الله بها لشرفها؛ لأنها مباني كتبه المنزلة وأسمائه الحسنى وصفاته العليا وأصول كلام الأمم.
قوله: (فما وجه قراءة بعضهم: صاد؟ )، سؤال آخر على تحريك هذه الحروف كما سبق في قوله: ((فما وجه قراءة من قرأ ((صاد)) بالنصب؟ )).
وأجاب: أنه على تقدير الحكاية دون الإعراب؛ لكونها غير مصروفة.
والمراد بقوله: ((ما ذكرت من التحريك لالتقاء الساكنين)) ما سبق في جواب السؤال السابق على فتح صاد.
قوله: (هل تسوغ لي في المحكية)، والمحكية كما مضى نوعان: نوع لا يتأتى فيه الإعراب ألبتة نحو: (كهيعص) [مريم: ١] و (الم) [البقرة: ١]، ونوع سائغ فيه الإعراب أيضا نحو: ((حم)) و ((ق)).