قلت: لا عليك في ذلك، وأن تقدّر حرف القسم مضمراً في نحو قوله عز وجل: (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) [الدخان: ٢]، كأنه قيل: أقسم بهذه السورة، وبالكتاب المبين: إنا جعلناه. وأما قوله صلى اللَّه عليه وسلم «حم لا يبصرون» فيصلح أن يقضى له بالجرّ والنصب جميعاً على حذف الجار وإضماره. فان قلت: فما معنى تسمية السور بهذه الألفاظ خاصة؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لا عليك)، أي: لا بأس عليك في ذلك. ثم عطف عليه على سبيل البيان قوله: ((وأن تقدر)) أي: لا بأس عليك أن تقدر في المحكية حرف القسم مضمرا عاملا عمل الجر فيما يشبه (حم* وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ) [الدخان: ١ - ٢] يعنى فيما بعده الواو، ولا يقدره محذوفا لئلا يجتمع قسمان على مقسم عليه واحد، أو يحصل الاختلاف في المعطوف والمعطوف عليه في الإعراب كما سبق.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((حم لا ينصرون)) فعلى تقدير سؤال، يعنى: فيما لم يأت بعده الواو في المحكية ما تقول فيه؟ فقال: وفي مثله يجوز الجر والنصب على حذف الجار وإضماره لزوال المانع وهو الواو.
قوله: (حم لا ينصرون)، روى الترمذي وأبو داود عن المهلب عمن سمع النبي ﷺ يقول: ((إن بيتكم العدو فقولوا: (حم) لا ينصرون)).