ومعنى (لا يَرْجِعُونَ): أنهم لا يعودون إلى الهدى بعد أن باعوه، أو عن الضلالة بعد أن اشتروها، تسجيلا عليهم بالطبع. أو أراد أنهم بمنزلة المتحيرين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومعنى (لا يَرْجِعُونَ)) أي: (لا يَرْجِعُونَ) متعلقه محذوف. الأساس: رجع إلى رجوعا ومرجعا ورجعى، ورجعته أنا رجعا. فإما أن يقدر المتعلق ((إلى))، فالرجوع إذن بمعنى الإعادة إلى ما كان، فالمعني: ((لا يعودون إلى الهدي))؛ لأن المراد تمكنهم من الهدي، وإما أن يقدر ((عن)) فالمعنى: ((لا يرجعون عن الضلالة))، فإن المتمسك بالشيء لا يرجع عنه، وإما أن لا يقدر شيء، ويترك على الإطلاق، والوجهان المتقدمان مبنيان على أن وجه التشبيه في التمثيل مستنبط من قوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى) [البقرة: ١٦] والوجه الأخير من قوله: (ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ)، المعني به قوله: ((إنهم غب الإضاءة، خبطوا في ظلمة، وتورطوا في حيرة)).
قوله: (تسجيلا عليهم بالطبع) اعلم أن في تفريعه هذا اللفظ على قوله: ((بعد أن باعوه)) أو ((بعد أن اشتروها)) وإيقاعه مفعولا له للقول المقدر، أي: قيل: فهم لا يرجعون، تسجيلا عليهم، دقيقة جليلة ولطيفة سنية، لأنه آذن به أن هذا القول أيضا متفرع على قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى) [البقرة: ١٦] وتتميم لذلك المعنى، نحو قوله: (فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ) وقوله: (وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ)؛ لآن المشتري والبائع إذا بتا المبايعة بحيث لا يكون لأحدهما الخيار والرجوع إلى السلعة كتبا صكا على ذلك، ثم أثبت الحاكم سجله تأكيدا على تأكيد، فهذا هو معنى الطبع، لأن الطبع: تراكم الرين وتزايد في الكفر، فعلى هذا جملة التمثيل كالمعترضة بين التتميم أعني: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) [البقرة: ١٨] والمتمم وهو قوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ) الآية [البقرة: ١٦] وعلى الوجه الثاني وهو قوله: ((أو أراد


الصفحة التالية
Icon