الذين بقوا جامدين في مكانهم لا يبرحون، ولا يدرون أيتقدّمون أم يتأخرون؟ وكيف يرجعون إلى حيث ابتدءوا منه.
[(أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ* يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*)].
ثم ثنى اللَّه سبحانه في شأنهم بتمثيل آخر ليكون كشفا لحالهم بعد كشف، وإيضاحا غب إيضاح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنهم بمنزلة المتحيرين"، قوله: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ) كالتتميم لجملة التمثيل، ويمكن أن ينظر في الترشيح والتجريد والتتميم معنى الترقي ليشمل جميع شرائط التجارة؛ لأن المقصود من التجارة حصول الربح، وحفظ رأس المال، وهؤلاء في هذه الصفقة أضاعوا هاتين الطلبتين، فعلم من ذلك فقد اهتدائهم لطرق التجارة. ومن وقف على كونه دخيلاً في صنعة التجارة ربما اشتغل بالتلافي، ويرجع إلى البائع ويعتذر إليه ليرد رأس ماله، ويرجع عن الغبن الفاحش، وهؤلاء حرموا كل ذلك فدمروا.
قوله: (وكيف يرجعون) عطف على "أيتقدمون أم يتأخرون" ضمن "لا يدرون" معنى العلم، وعلق عمله حيث أتى بالحملتين مصدرتين بحرف الاستفهام، و"كيف" مفعول "يرجعون" على تأويل جواب الاستفهام.
قوله: (ثم ثنى الله تعالى) هو عطف على قوله: "عقبها بضرب المثل" في قوله: "ولما جاء بحقيقة صفتهم عقبها".
قوله: (غب إيضاح)، الجوهري: الغب: أن ترد الإبل الماء يومًا وتدعه يومًا.