وكما يجب على البليغ في مظانّ الإجمال والإيجاز أن يجمل ويوجز فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل والإشباع أن يفصل ويشبع. أنشد الجاحظ:
يُوحُونَ بالخُطَبِ الطِّوَالِ وتَارَةً | وَحْىَ المُلَاحِظِ خِيفةَ الرُّقَباءِ |
أَذَاكَ أَمْ نَمَشٌ بالْوَشْي أَكْرَعُه؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكما يجب على البليغ) الواو للاستئناف، والكلام إلى تمام بيت الجاحظ معترض، والكاف في "كما" مرفوع المحل و"ما" موصولة، ولذلك جيء بالفاء في الخبر، وهو "فكذلك".
قوله: (يرمون بالخطب)، الأساس: ومن المجاز: رأيت الناس يرمون الطائف، أي: يقصدونه وهذا الكلام بعيد المرامي.
قوله: (وحي الملاحظ) منصوب على المصدر، أي: يشيرون رمزًا.
قوله: (وألا ترى) ويروى بغير "الواو"، وإذا كان بغير "الواو" فهو كالبيان لم امر، وإذا كان "بالواو" فهو عطف على "مما ثني".
قوله: (أذاك أم نمش بالوشي أكرعه) تمامه:
مسفع الخد غادٍ ناشط شبب
النمش بالفتح: نقط بيض وسود، ومنه: ثور نمش بكسر الميم، وهو الوشي الذي فيه نقط. بالوشي: صفة النمش، وأكرعه فاعله. مسفع الخد: أسود. الجوهري: السفعة في الوجه: سواد في خدي المرأة الشاحبة. ناشط: يخرج من أرضٍ إلى أرضٍ. وشبب: ثور مسن قد