من الكدّ والتعب. وكقوله: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ) [الكهف: ٤٥]، المراد قلة بقاء زهرة الدنيا كقلة بقاء الخضر. فأما أن يراد تشبيه الأفراد بالأفراد غير منوط بعضها ببعض ومصيرة شيئاً واحدًا، فلا. فكذلك لما وصف وقوع المنافقين في ضلالتهم وما خبطوا فيه من الحيرة والدهشة شبهت حيرتهم وشدّة الأمر عليهم بما يكابد من طفئت ناره بعد إيقادها في ظلمة الليل، وكذلك من أخذته السماء في الليلة المظلمة مع رعد وبرق وخوف من الصواعق. فإن قلت: الذي كنت تقدّره في المفرّق من التشبيه من حذف المضاف وهو قولك «أو كمثل ذوي صيب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فأما أن يراد تشبيه الأفراد بالأفراد) متعلق بقوله: "الغرض تشبيه حال اليهود في جهلها" إلى آخره، إيجاز بحذف "إما" في أحد الفصلين، أي: إما أن يراد تشبيه المركب بالمركب فهو المرام، وإما أن يراد تشبيه المفرد بالمفرد، فلا.
قوله: (فكذلك لما وصف وقوع المنافقين في ضلالتهم) هذا شروع في بيان التشبيهين على أن الوجه فيهما غير حقيقي، منتزع من عدة أمورٍ، فعند هذا يحسن السؤال عن بيان الوجه في التشبيهين، فإن ذلك مشكل، فيقال: فيم شبهت حال المنافقين بحال المستوقدين وبحال ذوي الصيب؟ والجواب عنها ما ذكره صاحب "المفتاح": فإن وجه تشبيه المنافقين بالذين شبهوا بهم إلى آخره كما سبق. وأن قوله تعالى: (كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ) [البقرة: ١٩] إلى آخره تمثيل لما أن وجه الشبه بينهم وبين المنافقين هو أنهم في المقام المطمع في حصول المطالب ونجح المآرب، لا يحظون إلا بضد المطموع فيه من مجرد مقاساة الأهوال.
قوله: (الذي كنت تقدره في المفرق من التشبيه من حذف المضاف، وهو قولك: أو كمثل ذوي صيب) يعني: لا بد في التشبيه المفرق من تقدير "ذوي"؛ لأن التشبيه حينئذٍ ليس بين