وتشهد له قراءة يزيد بن قطيب: (أظلم)، على ما لم يسم فاعله. وجاء في شعر حبيب ابن أوس:

هُمَا أَظْلَمَا حالَىَّ ثُمَّتَ أَجْلَيَا ظَلَامَيْهُما عنْ وَجْهِ أَمْرَدَ أَشْيَبِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وتشهد له قراءة يزيد بن قطيب) قيل: فيه نظر؛ لم لا يجوز أن يكون الفعل مسندًا إلى الجار والمجرور كقوله تعالى: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة: ٧]؟
والجواب: أن الجار والمجرور ليس صلة للإظلام، بل هو طرف مستقر كما في الاستعمال، و"على" مثلها في قوله:
زارت عليها للظلام رواق ومن النجوم قلائد ونطاق
قوله: (هما أظلما حالي) البيت، وقبله:
أحاولت إرشادي فعقلي مرشدي أم استمت تأديبي فدهري مؤدبي
استمت، أي: تجشمت وطلبت، "هما أظلما"، أي: العقل والدهر، "حالي"، أي: الشيب والشباب، "ثمت أجليا" يقال: للقوم إذا كانوا مقبلين على شيءٍ، محدقين به ثم انكشفوا عنه: قد أفرجوا عنه وأجلوا عنه. "أمرد"، أي: في السن، و"أشيب" أي: في الرأي، ويجوز أن يريد أنه شاب في حال المرد لعظم ما ناله من الشدائد، وإنما أضاف الإظلام إلى العقل لأن العاقل لا يطيب له عيش.
قوله: (عن وجه أمرد أشيب) يريد به نفسه، جرد شخصًا أمرد يخاطب عاذلته، أي: لا تخاطبيني لإرشادي في الكرم، فعقلي يرشدني، ولا تجشمي تأديبي، فإن الدهر مؤدبي.


الصفحة التالية
Icon