وقوله تعالى: (لَوْ أَرَدْنَا أَن نَتَخِذَ لَهوًّا لاَتَخذْنَاهُ مِن لَدُنَا) [الأنبياء: ١٧]، (لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) [الزمر: ٤]، وأراد: ولو شاء اللَّه لذهب بسمعهم بقصيف الرعد، وأبصارهم بوميض البرق. وقرأ ابن أبى عبلة: (لأذهب بأسماعهم)، بزيادة الباء كقوله: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى اَلتَهلُكَةِ) [البقرة: ١٩٥]. والشيء: ما صح أن يعلم ويخبر عنه. قال سيبويه - في ساقة الباب المترجم بباب مجارى أواخر الكلم من العربية -: وإنما يخرج التأنيث من التذكير. ألا ترى أن الشيء يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يعلم أذكر هو أم أنثى؟. والشيء: مذكر، وهو أعم العام،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتى بالمفعول لأن بكاء الدم مستغرب، ونصب دمًا باعتبار تضمين البكاء معنى الصب.
قوله: (وأراد: ولو شاء الله) عطف على قوله: "والمعنى ولو شاء الله" يعني كما أن مفعول شاء محذوف كذا متعلق "لذهب" محذوف وهو "بقصيف" و"بوميض".
قال القاضي: فائدة قوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ) [البقرة: ٢٠] إبداء المانع لذهاب سمعهم وأبصارهم مع قيام ما يقتضيه، والتنبيه على أن تأثير الأسباب في مسبباتها مشروط بمشيئة الله، وأن وجودها مرتبط بأسبابها.
وقلت: وفائدته الراجعة إلى الممثل له هي أنه تعالى يمهل المنافقين فيما هم فيه ليتمادوا في الغي والفساد ليكون عذابهم أشد.
قوله: (بأسماعِهم" بزيادة الباء) يعني دلت الهمزة على التعدية، والباء كعضادةٍ للتعدية وتأكيدها كما يعضد الباب بعضادتيه.
قوله: (وهو أعم العام) كلام المصنف لا كلام سيبويه، وهو لفظ يقع على كل مذكر ومؤنث، ثم إنه لا يستعمل إلا مذكرًا، فلولا أن المذكر أصل لوقع التغليب للفرع.