وأما الفعل بين قادرين فمختلف فيه. فإن قلت: ممّ اشتقاق القدير؟ قلت: من التقدير، لأنه يوقع فعله على مقدار قوّته واستطاعته وما يتميز به عن العاجز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهو موجود، أي: موجود حالاً أو مالاً، أو أعم منه على حسب مشيئته، وعليه قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة: ٢٠] وهو المراد بقول المصنف: "مشروط في حد القادر بأن لا يكون الفعل مستحيلاً".
قوله: (فمختلف فيه) يعني بين المعتزلة؛ فمن جوزه قال: إن القادر منا غير مستقل، أي: ليس سببًا تامًا، ومن منعه قال: إن اجتماع قدرتي قادرين مستقلين على فعلٍ واحدٍ ممتنع. وقيل: مختلف بين المعتزلة وأهل السنة، فإنهم قالوا: فعل العبد مقدور له من جهة الكسب، ومقدور لله من جهة الإيجاد.
الانتصاف: المعتزلة زعموا أن ما تعلقت به قدرة العبد لا تتعلق به قدرة الله سبحانه وتعالى؛ إذ قدرة العبد مستغنية بنفسها، وأما أهل السنة، الخالق عندهم هو الله الواحد القهار، فتتعلق قدرته بالفعل، وتتعلق به قدرة العبد لا للتأثير، ولذلك لم يحيلوا مقدورًا بين قادرين.
قوله: (لأنه يوقع فعله على مقدار قوته). قال القاضي: القدرة: هو التمكن من إيجاد الشيء. وقيل: صفة تقتضي التمكن، وقيل: قدرة العبد: هيئة بها يتمكن من الفعل، وقدرة الله: عبارة عن نفي العجز عنه، والقادر هو الذي إن شاء فعل، وإن لم يشأن لم يفعل، والقدير هو الفعال لما يشاء على ما يشاء، ولذلك قلما يوصف به غير البارئ. واشتقاق القدرة من القدر؛ لأن القادر