والاسم التابع له صفته، كقولك: يا زيد الظريف إلا أن «أيا» لا يستقل بنفسه استقلال «زيد» فلم ينفك من الصفة.
وفي هذا التدرّج من الإبهام إلى التوضيح ضرب من التأكيد والتشديد. وكلمة التنبيه المقحمة بين الصفة وموصوفها لفائدتين: معاضدة حرف النداء ومكانفته بتأكيد معناه، ووقوعها عوضا مما يستحقه أىّ من الإضافة. فان قلت: لم كثر في كتاب اللَّه النداء على هذه الطريقة ما لم يكثر في غيره؟ قلت: لاستقلاله بأوجه من التأكيد وأسباب من المبالغة: لأن كل ما نادى اللَّه له عباده - من أوامره ونواهيه، وعظاته وزواجره ووعده ووعيده، واقتصاص أخبار الأمم الدارجة عليهم، وغير ذلك مما أنطق به كتابه - أمور عظام، وخطوب جسام، ومعان - عليهم أن يتيقظوا لها، ويميلوا بقلوبهم وبصائرهم إليها، وهم عنها غافلون. فاقتضت الحال أن ينادوا بالآكد الأبلغ. فإن قلت: لا يخلو الأمر بالعبادة من أن يكون متوجها إلى المؤمنين والكافرين جميعاً، أو إلى كفار مكة خاصة، على ما روى عن علقمة والحسن، فالمؤمنون عابدون ربهم فكيف أمروا بما هم ملتبسون به؟ وهل هو إلا كقول القائل:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لفائدتين) إحداهما: تأكيد معنى النداء؛ لأن النداء تنبيه. وثانيتهما: أن "أيًّا" مستدعيةٌ للإضافة، فحيث فكت عنها عوض بها ليشتغل بها عنها.
قوله: (ومكانفته)، الجوهري: المكانفة: المعاونة.
قوله: (ما لم يكثُر في غيره) "ما" يُمكن أن تكون موصولةً، أي: الكثرة التي لم تكثر في غيره، أو مصدريةً أي: كثر كثرةً لم تكثر في غيره من الكلام.
قوله: (كقول القائل) وهو أبو تمام. وقبله:



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
نعمةُ الله فيك، لا أسأل اللـ ــه إليها نعمى سوى أن تدوما