وهي بمنزلة عرصة المسكن ومتقلبه ومفترشه، ثم خلق السماء التي هي كالقبة المضروبة والخيمة المطنبة على هذا القرار، ثم ما سوّاه عزّ وجل من شبه عقد النكاح بين المقلة والمظلة بإنزال الماء منها عليها. والإخراج به من بطنها - أشباه النسل المنتج من الحيوان - من ألوان الثمار رزقا لبنى آدم، ليكون لهم ذلك معتبرا: ومتسلقا إلى النظر الموصل إلى التوحيد والاعتراف؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله (المُقِلَةِ والمُظِلَةِ) أي: الأرض والسماء، ومنه الحديث: ((ما أقلت الغبراء وأظلت الخضراء على أصدق لهجه من أبى ذر)).
قوله: (المنتج)، الجوهري: نتجت الناقه على ما لم يسم فاعله تنتج نتاجا و ((من الحيوان ((متعلق بالمنتج، و ((من ألوان)) بيان ((أشباه)).
قوله: (ليكون لهم ذلك معتبراً ومُتَسلَقاً) أي: مدرجا ومصعدا يرقون منه إلى معرفة التوحيد، وهو تعليل لقوله: ((قدم سبحانه وتعالى من موجبات عبادته)) وقوله: ((فيتيقنوا عند ذلك)) نتيجته. أما بيان الترقي فهو: أنه تعالى منعم على الأطلاق، فلا بد من ظهور هذه الصفة، ومظهرها وجود المعم عليه وهو المكلف وإليه الإشارة بقوله: ((خلقهم))، لابد من تمكنه مما خلق له أيضا، وهو أن يكون حيا قادرا، ولما كان الخلق والقدرة كالمقدمة للمطلوب قال: ((ومقدمتها والسبب في التمكن من العبادة والشكر))، ولما أن القيام بالشكر والعبادة مسبوق بمعرفه المنعم والمعبود احتج إلى التفكر والنظر المؤدى إلى تلك المعرفة. وأول شيء يقع نظر المكلف إليه مقره ومكانه، وإليه الإشاره بقوله: ((ثم خلق الأرض التي هي مكانهم ومستقرهم))، ثم بعد هذا النظر إذا ساعدهم التوفيق بأن يأخذوا في العروج من السفليات إلى العلويات