وإنما هي مدر متلاحق. والثاني: أنّ الجموع يتعاور بعضها موقع بعض لالتقائها في الجمعية، كقوله: (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ) [الدخان: ٢٥]، و (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة: ٢٢٨].
ويعضد الوجه الأوّل قراءة محمد بن السميقع: من الثمرة، على التوحيد. وقَبْلِكُمْ صفة جارية على الرزق إن أريد به العين، وإن جعل اسما للمعنى فهو مفعول به، كأنه قيل: رزقا إياكم. فإن قلت: بم تعلق (فَلا تَجْعَلُوا)؟
قلت: فيه ثلاثة أوجه: أن يتعلق بالأمر. أى اعبدوا ربكم فلا تجعلوا له أَنْداداً لأنّ أصل العبادة وأساسها التوحيد، وأن لا يجعل للَّه ندّ ولا شريك. أو بلعل، على أن ينتصب (تجعلوا).....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بكرت سميه بكرة فتمتع وغدت غدو مفارق لم يربع
ابن السكيت: ربع الرجل: إذا وقف وتحبس.
قوله: (وإن جعل اسما للمعنى) أي: مصدرا، فهو مفعول به، كأنه قيل: أعطاكم، وهو المراد بقوله: ((رزقا إياكم)) كما تقول: رزقه العلم والمال أي: أولاه وأعطاه.
قوله: (فيه ثلاثة أوجه) والوجوه ذكرها القاضي ملخصا قال: (فَلَا تَجْعَلُوا) متعلق ((باعبدوا)) على أنه نهي معطوف عليه، أو نفي منصوب بإضمار ((أن)) جواب له، أو بـ ((لعل)) على أن نصب (تَجْعَلُوا) نصب (فَاطَّلَعَ) في قوله تعالى: (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ)] غافر: ٣٦ - ٣٧ [إلحاقا لها بالأشياء السته؛ لاشتراكها في أنها غير موجبة، المعنى: إن تتقوا لا تجعلوا لله أندادا، أو ((بالذي)) جعل إن استأنفت به على أنه نهي وقع خبرا على تأويل مقول فيه: لا تجعلوا، فالفاء للسببية أدخلت عليه لتضمن المبتدأ معنى الشرط، والمعنى: من خصكم بهذه النعم الجسام والآيات العظام ينبغي أن لا يشرك به.


الصفحة التالية
Icon