فإن قلت: كانوا يسمون أصنامهم باسمه ويعظمونها بما يعظم به من القرب، وما كانوا يزعمون أنها تخالف اللَّه وتناويه. قلت: لما تقرّبوا إليها وعظموها وسموها آلهة، أشبهت حالهم حال من يعتقد أنها آلهة مثله، قادرة على مخالفته ومضادّته فقيل لهم ذلك على سبيل النهكم. كما تهكم بهم بلفظ الندّ، شنع عليهم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في محل واحد. وقيل: الله تعالى لا ضد له ولا ند؛ لأن الند هو الاشتراك في الجوهر، والضد هو أن يعتقب الشيئان المتنافيان على جنس واحد، والله تعالى منزه عن أن يكون له جوهر، فإذا لا ضد له ولا ند، وقال تعالى: (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا)] مريم: ٨٢ [أي: منافين لهم.
قوله: (كانوا يسمون) توجيه السؤال: أن الكفرة كانوا يجعلون أصنامهم مساوية لله تعالى في التسميه والتقرب إليهم، وما كانوا يزعمون أنهم يخالفون الله في شيء من ذلك حتى يكونوا أندادا فكيف قيل: (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا)] البقرة: ٢٢ [، وخلاصة الجواب: أن هذه التسمية، أي: تسمية الله إياها أندادا على التهكم لأنهم ينزلون الضد مقام الضد لضرب من التهكم كقوله تعالى: (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)] آل عمران: ٢١ [استحقارا لهم وازدراء لفعلهم، أي: أنتم لا تعلمون أن مثل هذا التعظيم والتسمية تؤدى إلى جعلها قادرة على مخالفته ومناوأته، فهي استعارة مصرحة تحقيقية أصلية واقعة على سبيل التهكم.
قوله: (شنع عليهم) يعنى: كما تهكم بهم بإثبات الند بولغ فيه بأن أوثر، لفظ الجمع، يعنى لم يكتفوا بذلك الفعل الشنيع حتى ضموا إليه ما زادت به الشناعة، فيكون من باب الإيغال كقولها:


الصفحة التالية
Icon