ما بينه وبينها من التفاوت. أو: وأنتم تعلمون أنها لا تفعل مثل أفعاله، كقوله: (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) [الروم: ٤٠].
[(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَاتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)].
لما احتج عليهم بما يثبت الوحدانية ويحققها، ويبطل الإشراك ويهدمه، وعلم الطريق إلى إثبات ذلك وتصحيحه، وعرفهم أنّ من أشرك فقد كابر عقله وغطى على ما أنعم عليه من معرفته وتمييزه - عطف على ذلك ما هو الحجة على إثبات نبوّة محمد صلى اللَّه عليه وسلم، وما يدحض الشبهة في كون القرآن معجزة، وأراهم كيف يتعرفون؛.........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وعلم الطريق إلى إثبات ذلك) أي: إثبات التوحيد وإبطال الشرك كأنه قال: يا أيها الناس، اعلموا أن لكم معبوداً بجب عليكم عبادته؛ لأنه خلقكم وخلق آباءكم، وجعل لكم مظلة ومقلة، وأنعم عليكم بإنزال المطر وإخراج الثمر؛ فإذا لا تجعلوا له شريكا. فالتعليم هو ترتب الحكم على الأوصاف.
قوله: (وغطى على ما أنعم عليه) يشير إلى قوله: (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)] البقرة: ٢٢ [أي: لا يخفي عليكم بطلان أمر الأصنام وحقيقة ألوهية الملك العلام، فلا تكابروا عقولكم ولا تغطوا على ما رزقكم من المعرفة.
قوله: (وأراهم) عطف على قوله ((عطف على ذلك)) على سبيل التفسير و ((بإرشادهم)) متعلق بقوله: ((أراهم))، والمراد بالإرشاد ما سبق في قوله تعالى: (لا رَيْبَ فِيهِ)] البقرة: ٢ [وطريقة الإتيان بـ ((إن)) الشرطية المستدعية للشك وخلو الجزم في مقام القطع ليحزر أنفسهم ويجربوا طباعهم، فقوله: ((على إثبات نبوة محمد -صل الله عليه وسلم-)) في مقابلة ما يثبت الوحدانية، ((وما يدحض الشبة)) في مقابلة ((ويبطل الإشراك ويهدمه))، ((وأراهم كيف يتعرفون)) في مقابلة ((علم الطريق إلى إثبات ذلك))، فطريق إثبات التوحيد هو التفكر في خلق أنفسهم وما يرتفقون به على الترتيب كما سبق، والتنبيه عليه بقوله (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).


الصفحة التالية
Icon