لو كان هذا من عند اللَّه مخالفاً لما يكون من عند الناس، لم ينزل هكذا نجوما سورة بعد سورة وآيات غب آيات، على حسب النوازل وكفاء الحوادث «٢» وعلى سنن ما نرى عليه أهل الخطابة والشعر، من وجود ما يوجد منهم مفرقا حيناً فحيناً، وشيئاً فشيئا حسب ما يعنّ لهم من الأحوال المتجددة والحاجات السانحة، لا يلقى الناظم ديوان شعره دفعة، ولا يرمى النائر بمجموع خطبه أو رسائله ضربة، فلو أنزله اللَّه لأنزله خلاف هذه العادة جملة واحدة: قال اللَّه تعالى: (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) [الفرقان: ٣٢]. فقيل: إن ارتبتم في هذا الذي وقع إنزاله هكذا على مهل وتدريج، فهاتوا أنتم نوبة واحدة من نوبه، وهلموا نجماً فرداً من نجومه؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((من محازه))، الأساس: قطع فأطاب المحز ومن المجاز: تكلم أو أشار فأصاب المحز.
قوله: (وكفاء الحوادث)، الأساس: قولهم: لا كفاء له، مصدر بمعنى المكافأة، وضع موضع المكافئ، قال حسان:
وروح القدس ليس له كفاء
أي: مكافئ مقاوي، وهو كفؤ بين الكفاءة. الجوهري: كل شيء يساوى شيئا حتى يكون مثله فهو مكافئ له.
قوله: (فقيل: إن ارتبتم) عطف على قوله ((كانوا يقولون)).