وهذا القول من القوة والخلاقة بالقبول بمنزلٍ. ولناصره على الأوّل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلا ركبت بها إلا إلى ظفر | ولا حصلت بها إلا على أمل |
وقلت: ليت شعري كيف ينتقد على مثله في بلاغته، أم كيف يقاس هذا الكلام ببيت أبي الطيب؟ فإنه أوهم في البداية دعاء السوء وما يدخل منه في وهل السامع ما لا ينجبر بما يستدرك بعده، وإن المصنف سلك مسلك التشويق إلى ما يرد في الإنتهاء؛ أتى أولا بقرينتين مشتملتين على سلب مقدرة الخصوم وبيان عجزهم وهما قوله: "لم تتساقط مقدرتهم دونه، ولم تظهر معجزتهم عن أن يأتوا بمثله"، ثم عقبهما بقرائن ثلاث مضمنات صفات بليغة للقرآن لتؤدي بالسامع إلى مبلغ لا يتمالك إلا طلب العثور على المطلوب. وكأن هذا الزاعم ـ بعد أن حرم الوقوف على الأساليب ـ ما تلي عليه قوله: (بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ ولا نَصَبٌ ولا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ولا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الكُفَّارَ ولا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ) [التوبة: ١٢٠] والعجب أن المنفيات الثلاث الأولى مؤذنات بما هو عليهم، والقرينيتين الأخريين مشتملتان على ما هو لهم، ولا يبعد أن المصنف اقتبس كلامه من أسلوب الآية.
قوله: (والخلاقة)، الأساس: وهو خليق بكذا: كأنما خلق له وطبع عليه. وقد خلق خلاقة.
قوله: (بمنزل)، أي: بمنزل بعيد، ومنه قول صاحب "المفتاح": إن التركيب متى وقع موقعه رفع شأن الكلام في باب البلاغة إلى حيث يناطح السماك.