ادعوا الذين اتخذتموهم آلهة من دون اللَّه وزعمتم أنهم يشهدون لكم يوم القيامة أنكم على الحق؛ أو: ادعوا الذين يشهدون لكم بين يدي اللَّه من قول الأعشى:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منفردين عن الله. وهو المراد بقوله: "ادعوا الذين اتخذتموهم آلهة من دون الله وزعمتم أنهم يشهدون لكم" أو على الظرف والعامل ما في الشهداء من معنى الفعل. وهو المراد من قوله: "أو ادعوا الذين يشهدون لكم بين يدي الله"، وعلى التقديرين المراد بالشهداء الأصنام، يدل عليه قوله بعد ذكرهما: "وفي أمرهم أن يستظهروا بالجماد" إلى قوله: "غاية التهكم".
وعلى أن يكون القائم بالشهادة المداره، المضاف محذوف. المعنى: ادعوا شهداءكم متجاوزين من أولياء الله ومن المؤمنين، وادعوا غيرهم فانظروا هل يشهدون لكم، وعلى هذا الأمر واردٌ على سبيل إرخاء العنان والكلام المصنف؛ لأنهم إذا سمعوا هذا الكلام تفكروا فيه، وأيقنوا أنهم لا يشهدون لهم بذلك، لأنهم زعماء الحوار وأرباب الفصاحة، يميزون بين كلام فصيح وأفصح، وبليغ وأبلغ، ويأنفون عن الكذب.
إذا عُلق بـ"ادعوا "يعمُّ الشهداء في القائم بالشهادة وفي الحاضر، فعلى أن يراد القائم بالشهادة الشهيدُ مطلقٌ غير مقيد بقوله (مِنْ دُونِ اللَّهِ) كما في الأول؛ لأنه حينئذٍ قيدٌ للفعل و"من" لابتداء الغاية كما سبق في قوله تعالى (فَاتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) فيكون الدعاء قد ابتدئ من دون الله، والمراد بالشاهد حينئذٍ الشاهد العدل، لأن الشاهد إذا أطلق عرفاً بادر إلى الذهن هذا، ومن ثمَّ قال في الأول: "من دون أولياء ومن غير المؤمنين"، وهاهنا: "وادعوا شهداء من الذين شهادتهم بينة تصحح بها الدعاوي"، وعلى هذا الأمر للتبكيت؛ لأنهم مُقرون بأن ليس لهم شهداء عادلون تصحح بهم الدعاوي يشهدون لهم بذلك.
ولقرب هذا الوجه من السابق وهو أن يراد بشهدائكم المدارة قال: "وتعليقه بالدعاء


الصفحة التالية
Icon