وهو غيب لا يعلمه إلا اللَّه. فان قلت: انتفاء إتيانهم بالسورة واجب، فهلا جيء بـ «إذا» الذي للوجوب دون «إن» الذي للشك. قلت: فيه وجهان: أحدهما: أن يساق القول معهم على حسب حسبانهم وطمعهم، وأن العجز عن المعارضة كان قبل التأمّل كالمشكوك فيه لديهم لاتكالهم على فصاحتهم واقتدارهم على الكلام.
والثاني: أن يتهكم بهم كما يقول الموصوف بالقوة الواثق من نفسه بالغلبة على من يقاويه: إن غلبتك لم أبق عليك وهو يعلم أنه غالبه ويتيقنه تهكما به. فإن قلت: لم عبر عن الإتيان بالفعل وأى فائدة في تركه إليه؟ قلت: لأنه فعل من الأفعال. تقول: أتيت فلانا، فيقال لك: نعم ما فعلت. والفائدة فيه:........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (على حسب حسبانهم) فإنهم كانوا يقولون: لو نشاء لقلنا مثل هذا.
قوله: (على من يقاويه) أي: يعارضه. قاويته فقويته، أي: غلبته.
الأساس:
وهم يتقاوون الفطيمة في الدم
وتقاوينا الدلو تقاوياً: إذا جمعوا شفاههم على شفتها فشرب كل واحدٍ ما أمكنه.
قوله: (لم أُبقِ عليك)، الجوهري: أبقيت على فلان: إذا أرعيت عليه ورحمته، يقال: لا أبقى الله عليك إن أبقيت علي.
قوله: (لأنه فعل من الأفعال)، الراغب: لفظ الفعل أعم معنىً من سائر أخواته نحو الصنع والإبداع والإحداث والخلق والكسب والعمل؛ لأن الإبداع أكثر ما يقال في إيجادٍ عن عدمٍ، وليس حقيقة ذلك إلا لله تعالى، والإحداث في إيجاد الأعيان والأعراض معاً، والعمل