قلت: «لا» و «لن» أختان في نفى المستقبل، إلا أن في «لن» توكيداً وتشديداً. تقول لصاحبك: لا أقيم غداً، فإن أنكر عليك قلت: لن أقيم غداً، كما تفعل في: أنا مقيم، وإنى مقيم. وهي عند الخليل في إحدى الروايتين عنه
أصلها «لا أن» وعند الفراء «لا» أبدلت ألفها نونا. وعند سيبويه وإحدى الروايتين عن الخليل: حرف مقتضب لتأكيد نفى المستقبل. فإن قلت: من أين لك أنه إخبار بالغيب على ما هو به حتى يكون معجزة؟ قلت: لأنهم لو عارضوه بشيء لم يمتنع أن يتواصفه الناس ويتناقلوه؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (تقول لصاحبك: لا أُقيم غداً، فإن أنكر عليك قلت: لن أقيم غداً) مثاله في الإثبات قولك لخالي الذهن: أنا مقيمٌ غداً، فإذا تردد قلت: إني مقيم غداً، ثم إذا أنكر قلت: إني لمقيمٌ غداً.
قوله" (أصله: لا أن) قيل: حذفت همزة "أن" لكثرتها في الكلام، وذهبت الألف من "لا" في الدرج لاجتماع الساكنين فبقي اللام من "لا" والنون من "أن" فجُمِعا وقيل: لن، وقد جاء في الشعر على أصله:
يُرجى المرء ما لا أن يلاقي | وتعرض دون أقربه خطوب |
قوله: (مقتضب) أي: مرتجل، الأساس: ومن المجاز: اقتضب الكلام: ارتجله، واقتضب حديثه: انتزعه واقتطعه.