وبأن غيرها إن أريد إحراق الناس بها أو إحماء الحجارة أو قدت أوّلا بوقود ثم طرح فيها ما يراد إحراقه أو إحماؤه، وتلك - أعاذنا اللَّه منها برحمته الواسعة - توقد بنفس ما يحرق ويحمى بالنار، وبأنها لإفراط حرّها وشدّة ذكائها إذا اتصلت بما لا تشتعل به نار، اشتعلت وارتفع لهبها. فإن قلت: أنار الجحيم كلها موقدة بالناس والحجارة، أم هي نيران شتى منها نار بهذه الصفة؟ قلت: بل هي نيران شتى، منها نار توقد بالناس والحجارة، يدل على ذلك تنكيرها في قوله تعالى: (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) [التحريم: ٦]، (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) [الليل: ١٤]. ولعل لكفار الجن.......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي "جامع الأصول": تزوج رسول الله ﷺ عائشة بمكة في شوالٍ سنة عشر من النبوة، وأعرس بها بالمدينة في شوال سنة اثنتين من الهجرة، وتزوج حفصة في سنة ثلاث من الهجرة. قيل: لعل أن تكون هذه السورة مدنية، وهذه الآية وحدها مكية.
قلت: لا يجوز على مذهبه: لأنه قال فيما سبق: بلغنا بإسنادٍ صحيح أن كل شئ نزل فيه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) فهو مكي، و (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) فهو مدني، وهذه الآية مصدرة بـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) فهو منافٍ لما قيل، ومناقض لقوله، فحينئذٍ تعريف النار إما أن يكون لسماعهم إياها من رسول الله ﷺ أو من أهل الكتاب.
قوله: (وشدة ذكائها)، المغرب: أصل التركيب يدل على التمام ومنه: ذكاء السن بالمد لنهاية الشباب، وذكا النار بالقصر لتمام اشتعالها.
الجوهري: ذكت النار تذكو ذكًا مقصوراً، أي: اشتعلت.
وفي "الأساس": ذكت النار تذكو ذكاء، وأصابه ذكاء النار وذكا النار: بالمد والقصر.
قوله: (يدل على ذلك تنكيرها) أي: على أن نيران الآخرة نيران شتى. قيل: فيه نظر،


الصفحة التالية
Icon