[(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ)].
من عادته عز وعلا في كتابه أن يذكر الترغيب مع الترهيب، ويشفع البشارة بالإنذار إرادة التنشيط، لاكتساب ما يزلف؛ والتثبيط عن اقتراف ما يتلف. فلما ذكر الكفار وأعمالهم وأوعدهم بالعقاب، قفاه ببشارة عباده الذين جمعوا بين التصديق والأعمال الصالحة من فعل الطاعات وترك المعاصي، وحموها من الإحباط بالكفر والكبائر بالثواب.
فإن قلت: من المأمور بقوله تعالى: (وَبَشِّرِ)؟ قلت: يجوز أن يكون رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وأن يكون كل أحد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والتثبيط) يقال: ثبطه عن الأمر تثبيطا: شغله عنه.
قوله: (وحموها من الإحباط بالكفر والكبائر) قال الإمام: القول بالإحباط باطل؛ لأن من أتى بالإيمان والأعمال الصالحة استحق الثواب الدائم، فإذا أتى بعده بالكفر استحق العقاب الدائم، ثم لا يخلو من أن يوجدا معاً، وهو محال، أو أن يندفعا، وليس زوال الباقي لطريان الطارئ أولى من اندفاع الطارئ لقيام الباقي، فيبطل القول بالإحباط، وعند هذا تعين أن يقال: إن العبد لا يستحق على الطاعة ثوابا ولا على المعصية عقاباً استحقاقاً عقلياً واجبا، وهو قول أهل السنة واختيارنا، وبه يحصل الخلاص من ظلمات هذه الورطة.
قوله: (بالثواب) هو متعلق بقوله: "ببشارة عباده".


الصفحة التالية
Icon