..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المعطوف عليه، ومنها رعاية الجهة الجامعة الوهمية بين (بَشِّرِ) و (اتَّقُوا) لأنه في معنى أنذروا العقلية لاتفاقهما في المسببية، ومنها: اجتماع ثلاث مقابلات، ومنها حذف العجز من الشطر الأول والصدر من الثاني المؤذن بالإيجاز الذي هو حلية القرآن.
وأما عدم اتحاد المسند إليه في (فَاتَّقُوا) و (بَشِّرِ) فمضمحل نظراً إلى هذه الوجوه، على أن الاتحاد حاصل كما قررناه.
هذا وإن الوجه الأول أقضى لحق البلاغة وأدعى لتلاؤم النظم، لأن قوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) خطابٌ عام يشمل الفريقين: الموافق والمعاند كما سبق، وأن قوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ) إلى آخره قوله: (وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) تفصيله، فقوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ) إلى قوله: (أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) مختص بالفريق المخالف ومضمونة الإنذار، إن قوله: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) مختص بالفريق الموافق، ومضمونه البشارة، كأنه تعالى أوحي إلى حبيبه صلوات الله عليه أن يدعو الناس قاطبة إلى عبادة الله ويرشدهم إلى معرفته، ثم امره ان ينذر من أبي وعاند، ويبشر من آب وعبد، وهذا هو المعتمد، ولهذا قال في الوجه الأول: "إنما المعتمد في العطف هو جملة وصف ثواب المؤمنين" وقال في الوجه الثاني: "ولك أن تقول: هو معطوف على قوله: فاتقوا"، ويعضده قول الشيخ صاحب "الفرائد": هو معطوف على الخبر الذي قبله: لأنه مشتمل على معنى الأمر، كأنه قيل: وأنذر وبشر. ويوافقه ما ذهب إليه صاحب "المفتاح" في قوله تعالى (وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)] يس: ٥٤ [قال. غنه خطاب عام لأهل المحشر، ومن قوله: " إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ"] يس: ٥٥ [إلى قوله: (وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ)] يس: ٥٩ [تفصيل لما أجمله، وأن التقدير: إن أصحاب الجنة منكم يا أهل المحشر، ومآله إلى معنى: فليمتازوا عنكم يا أهل المحشر إلى الجنة حتى يصح عطف (وَامْتَازُوا الْيَوْمَ) على قوله: (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ).


الصفحة التالية
Icon