وفي قراءة زيد بن علي رضي اللَّه عنه: (وَبَشِّرِ) على لفظ المبنىّ للمفعول عطفاً على: (أُعِدَّتْ). والبشارة: الإخبار مما يظهر سرور المخبر به. ومن ثم قال العلماء: إذا قال لعبيده: أيكم بشرنى بقدوم فلان فهو حرّ، فبشروه فرادى، عتق أوّلهم، لأنه هو الذي أظهر سروره بخبره دون الباقين. ولو قال مكان «بشرنى» «أخبرنى» عتقوا جميعاً، لأنهم جميعاً أخبروه. ومنه: البشرة لظاهر الجلد. وتباشير الصبح: ما ظهر من أوائل ضوئه. وأما (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران: ٢١]: فمن العكس في الكلام الذي يقصد به الاستهزاء الزائد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (عطفاً على (أُعِدَّتْ)) فعلى هذا يدخل في حيز الصلة، ويكون بشارة للمؤمنين عن الخلاص عنها من جملة تنكيل الكافرين، فيجتمع لهم التعذيب مع التنوير كما قال في آخر "النساء": "إن الإحسان إلى العدو مما يغم العدو".
قوله: (والبشارة: الإخبار بما يظهر سرور المخبر به)، الراغب: بشرت الرجل وأبشرته: أخبرته بسار يبسط بشرة وجهه، وذلك ان النفس إذا سرت انتشر الدم انتشار الماء في الشجرة. وبين هذه الألفاظ فروق، فإن بشرته بالتخفيف عام، وأبشرته نحو أحمدته، وبشرته على التكثير، واستبشر إذا وجد ما يبشره من الفرح، قال تعالى: (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ)] آل عمران: ١٧٠ [.
قوله: (وأما (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) فمن العكس) أي: من الاستعارة التهكمية؛ استعار البشارة للنذارة بواسطة اشتراك الضدين من حيث اتصاف كل بمضادة صاحبتها، فنزلت البشارة منزلة النذارة، ثم يل على التبعية: فبشرهم بدل فأنذرهم.


الصفحة التالية
Icon