كما سموا: بتأبط شراً، وبرق نحره، وشاب قرناها. وكما لو سمى: بزيد منطلق، أو بيت شعر.
وناهيك بتسوية سيبويه بين التسمية بالجملة والبيت من الشعر، وبين التسمية بطائفة من أسماء حروف المعجم، دلالة قاطعة على صحة ذلك.
وأما تسمية السورة كلها بفاتحتها، فليست بتصيير الاسم والمسمى واحداً، لأنها تسمية مؤلف بمفرده، والمؤلف غير المفرد.
ألا ترى أنهم جعلوا اسم الحرف مؤلفاً منه ومن حرفين مضمومين إليه، كقولهم: صاد، فلم يكن من جعل الاسم والمسمى واحداً حيث كان الاسم مؤلفاً والمسمى مفرداً. الوجه الثالث: أن ترد السور مصدرة بذلك ليكون أوّل ما يقرع الأسماع مستقلا بوجه من الإعراب، وتقدمة من دلائل الإعجاز.........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وناهيك)، أي: كافيك وحسبك بتسوية سيبويه.
ومن قوله في "باب الترخيم": "ولو رخمت "تأبط شراً" من الأسماء لرخمت رجلاً يسمى بقول عنترة:
يا دار عبلة بالجواء تكلمي"
قوله: (ألا ترى أنهم جعلوا اسم الحرف)، أي: كما أن تسمية المفرد بالمركب في الحروف لا تصير الإسم والمسمى واحدا، كذلك عكسه.
قوله: (ليكون أول ما يقرع الأسماع مستقلاً بوجه من الإعراب)، والفرق بين هذا الوجه والسابق ذكره: أن دلالة هذا على الإعجاز والغرابة من نفسه؛ لصدورها عمن لم يجر منه


الصفحة التالية
Icon