وعن مسروق: أن أنهار الجنة تجرى في غير أخدود. وأنزه البساتين وأكرمها منظراً ما كانت أشجاره مظللة، والأنهار في خلالها مطردة. ولولا أن الماء الجاري من النعمة العظمى واللذة الكبرى، وأن الجنان والرياض وإن كانت آنق شيء وأحسنه لا تروق النواظر ولا تبهج الأنفس ولا تجلب الأريحية والنشاط، حتى يجرى فيها الماء، وإلا كان الأنس الأعظم فائتا، والسرور الأوفر مفقوداً، وكانت كتماثيل لا أرواح فيها، وصور لا حياة لها، لما جاء اللَّه تعالى بذكر الجنات مشفوعا بذكر الأنهار الجارية من تحتها مسوقين على قرن واحد كالشيئين لا بد لأحدهما من صاحبه، ولما قدّمه على سائر نعوتها. والنهر: المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر. يقال لبردى:
نهر دمشق، وللنيل: نهر مصر. واللغة العالية «النهر» بفتح الهاء. ومدار التركيب على السعة، وإسناد الجري إلى الأنهار من الإسناد المجازى كقولهم: بنو فلان يطؤهم الطريق،.......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من غير أخدود)، الجوهري: هو شق في الأرض مستطيل.
قوله: (لما جاء الله) جواب "لولا".
قوله: (مشفوعاً) صح بغير إلا عن المعزى.
قوله: (واللغة العالية)، المغرب: العالية ما فوق نجد وتهامة. وقيل: العالية: الفصيحة التي كثر استعمالها في كلام الفحصاء.
الأساس: هذا شعرٌ علوي، أي: عالي الطبقة.
قوله: (يطؤهم الطريق) أي: يقصدهم العفاة، وهو كناية عن وجودهم، والإسناد مجازي على نحو: طريق سائر: لأنه لما كثر في الطريق وطء العفاة كأنها هي التي تطؤهم.