وصيد: عليه يومان. فإن قلت: لم نكرت الجنات وعرّفت الأنهار. قلت: أما تنكير الجنات فقد ذكر. وأما تعريف الأنهار فأن يراد الجنس، كما تقول: لفلان بستان فيه الماء الجاري والتين والعنب وألوان الفواكه، تشير إلى الأجناس التي في علم المخاطب. أو يراد أنهارها، فعوّض التعريف باللام من تعريف الإضافة كقوله: (وَاشْتَعَلَ الرَّاسُ شَيْباً) [مريم: ٤]؛ أو يشار باللام إلى الأنهار المذكورة في قوله: (فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ) - الآية [محمد: ١٥]. وقوله (كُلَّما رُزِقُوا) لا يخلو من أن يكون صفة ثانية لجنات، أو خبر مبتدأ محذوف، أو جملة مستأنفة؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وصيد عليه يومان) أصله صيد الوحوش على الفرس مدة يومين، أسند الفعل إلى الظرف على المجاز.
قوله: (وأما تنكير الجنات فقد ذكر) أنها نكرت ليدل على تنوعها واختلافها بحسب استحقاق ساكنيها، وأما تعريف الأنهار فقد ذكر في فائدتها وجوها ثلاثة:
أحدها: أن المراد بالتعريف الجنس؛ ليشير بها إلى ما هو حاضر في ذهن المخاطب. وأنت تعلم أن الشيء لا يكون حاضراً في الذهن إلا أن يكون عظيم الخطر معقودا به الهمم، أي: تلك الأنهار التي عرفت أنها النعمة العظمي واللذة الكبرى، فإن الرياض وإن كانت آنق شيء لا تبهج النفس حتى تكون بها الأنهار كما سبق.
وثانيها: أن ينبه على أن هذه الأنهار المتعددة لتلك الجنان المتنوعة بحسب التوزيع كقولهم: ركبوا خيولهم.
وثالثها: ليعلم أن هناك أنهارا معهودة بين المخاطب والمخاطب. والمراد إحضارها فلا بد من الإشارة إليها.