تريد أنت أسد. وعلى هذا يصح أن يراد بالثمرة النوع من الثمار، والجنات الواحدة. فإن قلت: كيف قيل (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ)؟ وكيف تكون ذات الحاضر عندهم في الجنة هي ذات الذي رزقوه في الدنيا؟ قلت: معناه هذا مثل الذي رزقناه من قبل. وشبهه بدليل قوله (وأتوا به متشابهاً)، وهذا كقولك: أبو يوسف أبو حنيفة، تريد أنه لاستحكام الشبه كأن ذاته ذاته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جرَّد من ثمرة رزقاً وهو هي، فيكون رزقاً أخص من "ثمرة"؛ لأن الثمرة ذات أوصاف فانتزع منها وصف المرزوقية، أي: التي يقع الأكل عليها لكمال هذا المعنى فيه، فالرزق على هذا مخرج من قوله: (مِنْ ثَمَرَةٍ) وعلى الأول بالعكس. ولهذا لم يجز أن يراد على الأول بالثمرة التفاحة الواحدة أو الرمان الفذ، وجاز ذلك على الثاني: "والجناة الواحدة" إشارة إلى ذلك.
قوله: (وعلى هذا يصح أن يراد بالثمرة النوع من الثمار والجناة الواحدة) لأن قوله: (مِنْ ثَمَرَةٍ) يدل على نوع من الثمار، فانتزع منها ما وقع عليه اسم الرزق، أي: الأكل، فيصح أن يراد بها التفاحة الواحدة، ويصح أيضا أن يراد بها النوع من الثمار، وذلك أن تخصيص الثمرة التي مدلولها النوع من أنواع الثمار إما باعتبار تعيين النوع عن الشخص كما في قوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ) [النور: ٤٥] قال صاحب "المفتاح": أي: نوع من الماء مختص بتلك الدابة، أو من ماءٍ مخصوصٍ وهي النطفة.
قوله: (والجناة)، الجوهري: الجنى: ما يجتنى من الشجرة، يقال: أتانا بجناةٍ طيبةٍ لكل ما اجتنى.
قوله: (كأن ذاتَه ذاتُه) أي: هو تشبيهٌ بحذف الأداة ووجهه نحو قولك: زيدٌ أسد. قال الإمام: لما اتحدا في الحقيقة وإن تغايراً بالعدد صح أن يقال: هذا هو ذاك؛ لأن الوحدة النوعية لا تنافيها الكثرة بالشخص.