والنبقة من نبق الدنيا في حجم الفلكة، ثم يرون نبق الجنة كقلال هجر، كما رأوا ظل الشجرة من شجر الدنيا وقدر امتداده، ثم يرون الشجرة في الجنة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعه، كان ذلك أبين للفضل، وأظهر للمزية، وأجلب للسرور، وأزيد في التعجب من أن يفاجئوا ذلك الرمان وذلك النبق من غير عهد سابق بجنسهما. وترديدهم هذا القول ونطقهم به عند كل ثمرة يرزقونها، دليل على تناهى الأمر وتمادى الحال في ظهور المزية وتمام الفضيلة، وعلى أنّ ذلك التفاوت العظيم....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والنبقة)، النهاية: النبق بفتح النون وكسر الباء، وقد يسكن: ثمر السدر، واحدته نبقة. أشبه شيء بالعناب قبل أن تشد حمرته.
قوله: (حجم الفلكة)، الجوهري: الفلكة المغزل سميت لاستدارتها.
قول: (كفلان هجر)، المغرب: القلة: حب عظيم، وهي معرفة بالحجاز والشام، وعن الأزهري: تأخذ القلة مزادة كبيرة، وتملأ الراوية قلتين، وأراها سميت قلالاً؛ لأنها تقل، أي: ترفع إذا ملئت.
الجوهري: هجر: مذكر مصروف، اسم بلد.
قوله: (يسير الراكب) عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مئة عام لا يقطعها" أخرجه البخاري ومسلم. ولثبوت هذا المشبه به عن الأثبات الثقاب وكونه أعرف من المشبه أوقعه مشبها به في قوله: "كما رأوا" إذ التقدير: فحين أبصروا الرمانة والنبقة رؤية مثل رؤيتهم ظل الشجرة.