هو الذي يستملي تعجبهم، ويستدعى تبجحهم في كل أوان. عن مسروق: نخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها، وثمرها أمثال القلال، كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى، وأنهارها تجرى في غير أخدود، والعنقود اثنتا عشرة ذراعاً.
ويجوز أن يرجع الضمير في: (وأُتُوا بِهِ) إلى الرزق، كما أن هذا إشارة إليه، ويكون المعنى: أن ما يرزقونه من ثمرات الجنة يأتيهم متجانساً في نفسه، كما يحكى عن الحسن: يؤتى أحدهم بالصحفة فيأكل منها، ثم يؤتى بالأخرى فيقول: هذا الذي أتينا به من قبل، فيقول الملك: كل، فاللون واحد والطعم مختلف. وعنه صلى اللَّه عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده» إن الرجل من أهل الجنة ليتناول الثمرة ليأكلها فما هي بواصلة إلى فيه حتى يبدّل اللَّه مكانها مثلها» فإذا أبصروها والهيئة هيئة الأولى قالوا ذلك. والتفسير الأوّل هو هو.
فإن قلت: كيف موقع قوله: (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) من نظم الكلام؟ قلت: هو كقولك: فلان أحسن بفلان ونعم ما فعل. ورأى من الرأى كذا وكان صوابا. ومنه قوله تعالى: (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ) [النمل: ٣٤]، وما أشبه ذلك من الجمل التي تساق في الكلام معترضة للتقرير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يستملي)، الجوهري: يقال: استمليت الكتاب: سألته أن يملى علي.
قوله: (تبجحهم) التبجح: الفرح، والصحفة. كالصعقة، والجمع صحاف.
قواه: (متجانساً في نفسه) أي: يجانس بعضه بعضاً، ولا يجانس ثمر الدنيا، فعلى هذا (مِنْ ثَمَرَةٍ) بيان "رزقاً".
قوله: (هو هو) أي: هو الكامل المعلوم كقوله:


الصفحة التالية
Icon