وحشي وشظي الفرس، إذا اعتلت هذه الأعضاء. جعل الحي لما يعتريه من الانكسار والتغير، منتكس القوّة منتقص الحياة، كما قالوا: هلك فلان حياء من كذا، ومات حياء، ورأيت الهلاك في وجهه من شدّة الحياء. وذاب حياء، وجمد في مكانه خجلا. فإن قلت: كيف جاز وصف القديم سبحانه به. ولا يجوز عليه التغير والخوف والذم، وذلك في حديث سلمان قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: (إن اللَّه حي كريم يستحي إذا رفع إليه العبد يديه أن يردّهما صفرا حتى يضع فيهما خيرا). قلت: هو جار على سبيل التمثيل مثل تركه تخييب العبد وأنه لا يردّ يديه صفرا من عطائه لكرمه بترك من يترك ردّ المحتاج إليه حياء منه. وكذلك معنى قوله: (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يضرب مثلاً)......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وحشي) الحشى: الربو. وقد حشي بالكسر: إذا اشتكى حشاه.
قوله: (وشظي)، الجوهري: الشظي: عظمٌ مستدقٌ ملزقٌ بالذراع، فإذا تحرك من موضعه قيل: شظي الفرس. قال القاضي: الحياء انقباض النفس عن القبيح مخافة الذم، وهو الوسط بين الوقاحة التي هي الجرأة على القبائح والخجل الذي هو انحصار النفس عن الفعل مطلقاً، فإذا وصف به الباري تعالى، فالمراد اللازم للانقباض. كما أن المراد من رحمته وغضبه إصابةُ المعروف والمكروه اللازمين لمعنييهما.
قوله: (في حديث سلمان) والحديث رواه أبو داود والترمذي.
الانتصاف: تأويل الحديث به لازمٌ، وأما الآية فلا تحتاج إلى التأويل؛ لأن الحياء مسلوبٌ عنه تعالى، فهو كقولك: إنه تعالى ليس بجسمٍ ولا عرض.


الصفحة التالية
Icon