وفي الحديث: اضطرب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم خاتما من ذهب. و (ما) هذه إبهامية وهي التي إذا اقترنت باسم نكرة أبهمته إبهاماً وزادته شياعا وعموما، كقولك: أعطنى كتابا مّا، تريد أى كتاب كان. أو ضلة للتأكيد، كالتي في قوله: (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) كأنه قيل: لا يستحيى أن يضرب مثلا حقاً أو البتة، هذا إذا نصبت (بَعُوضَةً)،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وضرب الدراهم اعتباراً بضربه بالمطرقة، وقيل له: الطبع اعتباراً بتأثير السكة فيه، وبذلك شبه السجية فقيل لها: الضريبة والطبيعة، والضرب في الأرض: الذهاب فيها، وهو ضربها بالأرجل، وضرب الخيمة لضرب أوتادها بالمطرقة، وتشبيهاً بضرب الخيمة، قال تعالى: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) [البقرة: ٦١] أي: التحفتهم الذلة التحاف الخيمة، ومنه استعير: (فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا) [الكهف: ١١] وضرب المثل هو من ضرب الدراهم، وهو ذكر شيءٍ أثره يظهر في غيره، والاضطراب كثرة الذهاب في الجهات من الضرب في الأرض.
قوله: (اضطرب رسول الله ﷺ خاتماً من ذهب) الحديث من رواية الشيخين وأبي داود والترمذي والنسائي عن ابن عمر في رواية "أن رسول الله ﷺ اتخذ خاتماً من ذهب وجعل فصه مما يلي بطن كفه، ونقش فيه: محمد رسول الله، واتخذ الناس مثله، فلما رآهم قد اتخذوا رمى به وقال: "لا ألبسه أبداً" ثم اتخذخاتماً من فضة فاتخذ الناس خواتيم الفضة.
قوله: (كأنه قيل: لا يستحيي) فذلكةٌ لما سبق وتلخيصٌ لما فُسِّر؛ وذلك أن قوله: "حقاً" يتعلق بالوجه الأول، أن الله لا يترك المثل الحق والتمثيل الذي يقع في موقعه كيف ما كان؛ حقيراً كان أو عظيماً؛ لأن المقصود البيان الجلي وكشف معنى الممثل له على وفق الحاجة،


الصفحة التالية
Icon