وحم آية في سورها كلها، وحم عسق آيتان، وكهيعص آية واحدة، وص وق ون ثلاثتها لم تعدّ آية.
هذا مذهب الكوفيين ومن عداهم، لم يعدّوا شيئا منها آية. فإن قلت: فكيف عدّ ما هو في حكم كلمة واحدة آية؟ قلت: كما عدّ (الرحمن) [الرحمن: ١]، و (مدهامتان) [الرحمن: ٦٤] وحدها آيتين على طريق التوقيف. فإن قلت: ما حكمها في باب الوقف؟ قلت: يوقف على جميعها وقف التمام إذا حملت على معنى مستقل غير محتاج إلى ما بعده، وذلك إذا لم تجعل أسماء للسور ونعق بها كما ينعق بالأصوات أو جعلت وحدها أخبار ابتداء محذوف كقوله عز قائلا: (الم اللَّهُ) أى: هذه (الم)، ثم ابتدأ فقال (اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [آل عمران: ١ - ٢]. فإن قلت: هل لهذه الفواتح محل من الإعراب؟ قلت: نعم لها محل فيمن جعلها أسماء للسور لأنها عنده كسائر الأسماء الأعلام. فإن قلت: ما محلها؟ قلت: يحتمل الأوجه الثلاثة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هذا مذهب الكوفيين)، والذي يعلم من كتاب "المرشد": هو أن الفواتح في السور كلها آيات عند الكوفيين من غير تفرقة بينها.
قوله: (أو جعلت وحدها أخبار إبتداء)، عطف على قوله: "لم تجعل"، وقوله: "ونعق بها" عطف عليه على سبيل البيان؛ كأنه قيل: إذا نعق بالفواتح أو لم ينعق، وجعلت أسماء للسور على حذف المبتدأ، تكون على كلتا الحالتين مستقلة، فيوقف عليها.
قوله: (هل لهذه الفواتح محل من الإعراب؟ )، قيل: هو مستدرك؛ لأنه قد علم غير مرة أنها معربة وعلم محلها.
قلت: التكرير إنما يصار إليه، لمعان شتى منها: أن يعاد ليعلق عليه معنى آخر، وها هنا لما قال: "أو جعلت وحدها أخبار إبتداء محذوف" ليكون الوقف عليها تاما، سأل هذا السؤال ليعلق عليه المسألتين في حالتي النصب والجر على تقدير القسم، فعلم عدم جواز الوقف عليها إن عنى كونها مقسما بها، وإن عنى بها منصوبة ب"اذكر" يجوز الوقف.