...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: "وقيل: معناه ذلك الكتاب" جواب آخر مستقل، يعني: ليس المشار إليه (الم) ليلزم المحذور؛ بل هو الكتاب، وهو من حيث كونه موعودا في حكم البعيد، وإنما جازت الإشارة إلى الآتي لتصوره أولا في الذهن.
قال في قوله تعالى: (قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وبَيْنِكَ) [الكهف: ٧٨]: قد تصور بينهما حلول ميعاد، فأشار إليه وجعله مبتدأ وأخبر عنه، وأما الوعد، فقد قال الواحدي والإمام: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعد بقوله: (إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) [المزمل: ٥] فأشير بذلك إلى ذلك.
وقال الزجاج: القرآن ذلك الكتاب الذي وعدوا به على لسان موسى وعيسى عليهما السلام، ودليله قوله تعالى: (وكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) [البقرة: ٨٩]. ويؤيده ما روينا عن الدرامي عن كعب: "عليكم بالقرآن فإنه فهم العقل، ونور الحكمة، وينابيع العلم. وأحدث الكتب بالرحمن عهدا. وقال في التوراة: يا محمد، إني منزل عليك توراة حديثة، تفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا".
ثم المشار إليه إن كان ما وعد بقوله: "ثقيلاً" كما ذهب إليه الإمام؛ فالمناسب أن يكون (الم) اسما للسورة؛ وهي المشار إليها، وإن كان كل القرآن؛ فالمناسب أن يكون تعدادا ليؤذن أن ذلك الموعد مركب من هذه الحروف.
والأحسن ما ذكره صاحب "المفتاح": قال: (ذَلِكَ الكِتَابُ) ذهاباً إلى بعده درجة.