أو بدلاً، على أن الكتاب صفة، وأن يكون: (هذه الم) جملة، وذلك الكتاب جملة أخرى. وإن جعلت (الم) بمنزلة الصوت، كان ذلك مبتدأ، خبره (الكتاب)، أى ذلك الكتاب المنزل هو الكتاب الكامل. أو الكتاب صفة والخبر ما بعده، أو قدّر مبتدأ محذوف، أى هو - يعنى المؤلف من هذه الحروف - ذلك الكتاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو بدلاً على أن الكتاب صفة)، هذا القيد ينبئ أن على تقدير كونه خبرا لا يلزم ذلك، فيجوز أن يكون صفة لـ"ذلك". وأن يكون (ذَلِكَ) مبتدأ، والكتاب خبره، والجملة خبر ثان، ولو جعل بلا ذلك تعين كون الكتاب صفة؛ لأن البدل عن المفرد لا يكون جملة، ونظيره قولك: هذا زيد أخوك الكريم، ولأنك إذا قلت: (ذَلِكَ) وتسكت، ثم تبتدئ (الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة: ٢] ركبت متعسفا.
قوله: (وذلك الكتاب جملة أخرى)، وفصلها لكونها مقررة لها. قال: نبه أولا على أنه الكلام المتحدى به ثم أشير إليه بأنه الكتاب المنعوث بغاية الكمال.
قوله: (بمنزلة الصوت)، شامل للوجهين الأخيرين: قرع العصا، والتقدمة للإعجاز؛ ولهذا قيد الكتاب بالمنزل، يعني تنبهوا أن هذا الكتاب هو الكتاب الكامل الذي عجزتم عن الإتيان بمثله، وهو منزل بلسانكم. وإنما قد هذا الوجه والوجه السابق بقوله: "الكامل" لأن الكتاب إذا وقع خبرا، كان التعريف للجنس، فيفيد الحصر لمعنى الكمال كما سبق، وإذا وقع صفة لذلك كان اللام للعهد، ويعود المعنى إلى أنه الكتاب الموعود.
قوله: (يعني المؤلف من هذه الحروف)، وكان من حق الظاهر أن يقول: هذه الحروف ذلك الكتاب، لكن هذه الحروف لما كانت دالة على المركب المؤلف فيما بعده قيل: "المؤلف من هذه" تسمية للدال باسم مدلوله.