وهو الدلالة الموصلة إلى البغية، بدليل وقوع الضلالة في مقابلته. قال اللَّه تعالى:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحدها: وقوع الهدى في الآيتين في مقابلة الضلال، والضلالة هي الخيبة، وحيث وقعت مقابلة لها، كان معناها مقابلاً لمعناها.
وثانيها: استعمال المهدي في موضع المدح كمعتد، يعني: أن المهدي اسم مفعول من هدى والمعتدي اسم فاعل من اهتدى، وكما يوصف المرء بالمعتدي في مقام المدح لوصوله إلى البغية، يوصف بالمهدي أيضًا، ولولا اعتبار هذا القيد في مسمى الهدى؛ لم يكن الوصف بكونه مهديًا مدحًا.
وثالثها: أن "اهتدى مطاوع هدى" إلى آخره، ومعناه. أنا إذا قلنا: انكسر الإناء، كانت الفائدة الإخبار بحصول معنى الانكسار من تعلق فعل الكسر بما قام به الانكسار الذي هو أثر الكسر، كذا قولنا: اهتدى، بالوصول إلى البغية من تعلق هدى بمن قام به الاهتداء الذي هو أثر الهدى، لو لم يكن في مسمى الهدى الإيصال إلى البغية معتبرًا، يلزم أن يكون المطاوع في خلاف معنى المطاوع الذي هو أثره، فقوله: "ولأن اهتدى" معطوف على قوله: "بدليل وقوع الصلالة" وقوله: "يقال" عطف على "وقوع" أي: بدليل قولهم: ويجوز أن يعطف على الدليل.
قال صاحب "التقريب": وفي الوجوه الثلاثة نظر؛ لأن:
الأول: معارض بقوله تعالى: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى) [فصلت: ١٧].
والثاني: أن المدح حاصل بالتمكين من الاستدلال وإن لم يوصل إلى البغية.
والثالث: بقولهم: أمرته فلم يأمر.
لعلة اقتدى بالإمام؛ حيث قال في "تفسيره": الهدى عبارة عن الدلالة.