(أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) [البقرة: ١٦]، وقال تعالى:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال صاحب "الكشاف": "هي الدلالة الموصلة إلى البغية". والذي يدل على صحة القول الأول، وفساد الثاني، أنه لو كان كون الدلالة الموصلة إلى البغية معتبرة في مسمى الهدى لامتنع حصول الهدى عند عدم الاهتداء، لكن الله تعالى أثبت الهدى مع عدم الاهتداء في قوله: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى) [فصلت: ١٧]. ثم أجاب عن:
الوجه الأول: أن الفرق بين الهدى والاهتداء معلوم بالضرورة، فمقابل الهدى هو الإضلال، ومقابل الاهتداء هو الضلال؛ فجعل الهدى في مقابلة الضلالة ممتنع.
وعن الثاني: أن المنتفع بالهدى يسمى مهديًا، وغير المنتفع به لا يسمى مهديًا؛ لأن الوسيلة إذا لم تفض إلى المقصود كانت نازلة منزلة المعدوم.
وعن الثالث: أن الائتمار مطاوع الأمر، يقال: أمرته فائتمر، ولم يلزم منه أن يكون من شرط كونه أمرًا حصول الائتمان فكذا هذا.
والجواب عن قوله: "أثبت الهدى مع عدم الاهتداء" يعني في قوله تعالى: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى) [فصلت: ١٧] أي: بدلوا العمى بالهدى رغبة عن الهدى، واستحبابًا للعمى كما في قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى) [البقرة: ١٦].
وعن قوله: "فجعل الهدى في مقابلة الضلالة ممتنع": أنه لو كان ممتنعًا لم يقع في الآيتين،