(لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ: ٢٤]. ويقال: مهدى، في موضع المدح،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولأن المراد بالمقابلة في الصناعة: الجمع بين اللفظين الدالين على المعنيين المتضادين حقيقة أو تقديرًا، أي: سواء كانا متعديين أو لازمين، أو أحدهما متعديًا والآخر لازمًا. وفي الآيتين هذا المعنى موجود وسيما في الثانية؛ فإنه صريح فيها، لتوسيط كلمة التقابل.
وعن قوله: "أن المنتفع بالهدى يسمى مهديًا" بمعنى: أن المهدي إنما دل على المدح بالمجاز، والقرينة مقام المدح. فلا تثبت الحقيقة بقرينة المقام، أن يقال: إن المراد بقوله: يقال: مهدي في موضع المدح أن المهدي من الأوصاف التي تستعمل في المدح مطلقًا، لا أنه يعرضه ذلك، وعن قوله: أمرته فلم يأتمر ما قاله البزدوي في "اصوله": ألا ترى أن أمر فعل متعد لازمة ائتمر، ولا وجود للمتعدي إلا أن يثبت لازمه، كالكسر لا يتحقق إلا بالانكسار، فقضيته الأمر لغة أن لا يثبت إلا بالامتثال إلا أن ذلك لو ثبت بالأمر نفسه، لسقط الاختيار من المأمور أصلاً، وللمأمور عندنا ضرب من الاختيار.
معنى هذا الكلام: أن أصحاب اللغة ما أثبتوا لكل فعل متعد لازمًا إلا إذا اتفقا في الوجود.
قال ابن الحاجب: معنى المطاوعة حصور فعل عن فعل؛ فالثاني مطاوع لأنه طاوع الأول، والأول مطاوع لأنه طاوعه الثاني، فإذا وجد المطاوع يجب أن لا يختلف عنه المطاوع.
فإذن معنى: أمرته فائتمر، جعلته مؤتمرًا فائتمر، لكن معنى الائتمار معنى سقوط الاختيار ولزوم الجبر، فعرض له عارض فوجب العدول عن الحقيقة.