ووجه آخر؛ وهو أنه سماهم عند مشارفتهم لاكتساء لباس التقوى: متقين، كقول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "من قتل قتيلا فله سلبه".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (عند مشارفتهم لاكتساء لباس التقوى)، مقتبس من قوله تعالى: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف: ٢٦] واحتذاء على أسلوب (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ) [النحل: ١١٢] فالاستعارة تحقيقية؛ لأن المشبه المتروك: إما عقلي وهو أن يستعار اللباس لماي غشى الإنسان ويتلبس به من انشراح الصدر، وقذف النور في القلب، والتخلص من مضيق الضلال وظلمات الكفر، قال الله تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا) [الأنعام: ١٢٥]. وإما حسي بأن يستعار اللباس لماي ظهر في الإنسان من شعائر الإسلام ونوره وحسن الطلعة، وبهاء المنظر، قال الله تعالى: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) [الفتح: ٢٩].
ثم قوله: "الاكتساء" ترشيح لهذه الاستعارة، وقوله: "عند مشارفتهم" استعارة أخرى واقعة على الاستعارة، الأساس: شارف البلد، وساروا إليهم حتى إذا شارفوها. فعظم التقوى التي هي من لوازم الإسلام، وجعلها دار السلام. المغنى: سماهم متقين عند مشارفتهم مدينة السلام لدخول دار التقوى، فراعى في اللفظ الترقي أيضًا، لتطابق المعنى وهو كون هذا المجاز باعتبار ما يؤول إليه.
قوله: (من قتل قتيلاً)، الحديث من رواية البخاري ومسلم وغيرهما "من قتل قتيلاً له عليه بينه فله سلبه".


الصفحة التالية
Icon