(ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ) طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم ويضلوهم، (وَابْتِغاءَ تَاوِيلِهِ): وطلب أن يؤوّلوه التأويل الذي يشتهونه (وَما يَعْلَمُ تَاوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)، أي لا يهتدي إلى تأويله الحق الذي يجب أن يحمل عليه إلا اللَّه وعباده الذين رسخوا في العلم، أي: ثبتوا فيه وتمكنوا، وعضوا فيه بضرس قاطع.
ومنهم من يقف على قوله (إلا اللَّه)، ويبتدئ (والراسخون في العلم يقولون)، ويفسرون المتشابه: بما استأثر اللَّه بعلمه، وبمعرفة الحكمة فيه من آياته، كعدد الزبانية ونحوه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وطلب أن يؤولوه التأويل الذي يشتهونه)، الراغب: التأويل من الأول أي: الرجوع إلى الأصل، ومنه الموئل للموضع الذي يرجع إليه، وذلك هو: رد الشيء إلى الغاية المرادة منه، علماً كان أو فعلاً، ففي العلم نحو قوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَاوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ) [آل عمران: ٧]، وفي الفعل كقول الشاعر:
وللنوى قبل يوم البين تأويل
وقوله تعالى: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَاوِيلَهُ يَوْمَ يَاتِي تَاوِيلُهُ) [الأعراف: ٥٣] أي: بيانه الذي هو غايته المقصودة منه.
قوله: (أي: لا يهتدي إلى تأويله الحق الذي يجب أن يحمل عليه إلا الله)، الانتصاف: لا يجوز إطلاق الاهتداء على الله تعالى لما فيه من إيهام سبق جهل وضلال جل الله تعالى عن ذلك، لأن اهتدى مطاوع هدى، ويسمى من يجدد إسلامه مهتدياً، وانعقد الإجماع على امتناع إطلاق الألفاظ الموهمة عليه تعالى، فإذا أنكر على القاضي حده مطلق العلم بكونه معرفة


الصفحة التالية
Icon