والأوّل هو الوجه، و (يقولون) كلام مستأنف موضح لحال الراسخين، بمعنى: هؤلاء العالمون بالتأويل (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ)، أي: بالمتشابه (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا)، أي: كل واحد منه ومن المحكم من عنده، أو بالكتاب؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ودخول علم الله فيه، فهذا أولى أن ينكر، وأظنه سها فنسب الاهتداء إلى الراسخين في العلم وغفل عن شمول ذلك الحق جل جلاله.
قوله: (والأول هو الوجه)، واعلم أن الإمام اختار الوجه الثاني، واستدل عليه بوجوه:
أحدها: أن اللفظ إذا كان له معنى راجح ثم دل الدليل على أن الظاهر غير مراد، علمنا أن مراد الله تعالى بعض مجازات تلك الحقيقة، وفي المجازات كثرة، وترجيح البعض لا يمكن إلا بالتراجيح اللغوية، وذلك لا يفيد اليقين، والمسألة يقينية، ولهذا لما سئل مالك بن أنس رضي الله عنه عن قوله: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه: ٥] قال: "الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".
وقال الإمام: هذه الحجة قاطعة في المسألة، والقلب الخالي عن التعصب يميل إليها.