فإن قلت: فما معنى ما روي من قول بعضهم عند نزول الآية: واللَّه ما يسرنا أنا لم نهم بالذي هممنا به وقد أخبرنا اللَّه بأنه ولينا؟ قلت: معنى ذلك: فرط الاستبشار بما حصل لهم من الشرف بثناء اللَّه وإنزاله فيهم آية ناطقة بصحة الولاية، وأن تلك الهمة غير المأخوذ بها ـ لأنها لم تكن عن عزيمة وتصميم ـ كانت سببًا لنزولها. والفشل: الجبن والخور. وقرأ عبد اللَّه: واللَّه وليهم كقوله: (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا). [الحجرات: ٩]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن تكون عزيمة بل تكون حديث نفس، لأن الله تعالى يقول: (وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) والله تعالى لا يكون ولي من عزم خذلان الرسول ﷺ ومتابعة عدوه عبد الله بن أبي بن سلول، ويجوز أن تكون عزيمة كما قال ابن عباس، ويكون قوله: (وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) جملة حالية مقررة للتوبيخ والاستبعاد، أي: لم وجد منهما الفشل والجبن وتلك العزيمة، والحال أن الله سبحانه وتعالى بجلالته وعظمته هو الناصر يدل على التوبيخ قوله: "فما لهما تفشلان"، وعلى الأول كانت جملة معطوفة على الجملة السابقة، أخبر الله تعالى أنه كان منهم الفشل ومن الله الولاية، وإليه الإشارة بقوله: "وقد أخبرنا الله بأنه ولينا".
الراغب: الولاء والتوالي: أن يحصل شيئان فصاعداً حصولاً ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النسبة ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد، والولاية: النصرة، والولاية: تولي الأمر، وقيل: هما واحدة كالدلالة والدلالة، وحقيقته تولي الأمر، والولي والمولى يستعملان في ذلك، وكل واحد منهما يقال في معنى الفاعل، أي: الموالي، وفي معنى المفعول، أي: الموالى، ويقال للمؤمن: هو ولي الله، ولم يرد: مولاه، ويقال: الله ولي المؤمن ومولاه.
قوله: (ما روي من قول بعضهم عند نزول الآية)، وهو جابر بن عبد الله، قال: فينا نزلت:


الصفحة التالية
Icon